حمى الأطفال: متى تكون خطيرة وكيف أتصرف في المنزل؟

تعتبر الحمى لدى الأطفال مصدر قلق شائع للآباء. يشرح هذا المقال كيفية قياس درجة حرارة الطفل بدقة، الأسباب الشائعة للحمى، علامات الخطر التي تستدعي استشارة الطبيب فورًا، وكيفية تقديم الرعاية المنزلية الآمنة للطفل المحموم.

حمى الأطفال: متى تكون خطيرة وكيف أتصرف في المنزل؟
أم تقيس درجة حرارة طفلها باستخدام مقياس حرارة رقمي عن طريق الفم، والطفل يبدو متعبًا.

مقدمة: فهم حمى الأطفال ولماذا تحدث؟

الحمى، أو ارتفاع درجة حرارة الجسم عن المعدل الطبيعي، هي استجابة شائعة وطبيعية من جهاز المناعة لدى الأطفال لمكافحة العدوى أو الأمراض الأخرى. في حد ذاتها، الحمى ليست مرضًا، بل هي علامة على أن الجسم يحاول محاربة شيء ما، غالبًا ما يكون فيروسًا أو بكتيريا. تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية لدى الأطفال عادةً بين 36.5 و 37.5 درجة مئوية (97.7 - 99.5 فهرنهايت)، وقد تختلف قليلاً حسب وقت القياس من اليوم ومستوى نشاط الطفل وطريقة القياس. تعتبر درجة حرارة 38 درجة مئوية (100.4 فهرنهايت) أو أعلى عند قياسها عن طريق المستقيم هي الحد الذي يعتبر فيه الطفل مصابًا بالحمى بشكل عام. على الرغم من أن الحمى يمكن أن تكون مقلقة للوالدين، إلا أنها في معظم الحالات تكون غير ضارة وتساعد الجسم على التعافي. ومع ذلك، من المهم معرفة كيفية التعامل معها ومتى يجب طلب المساعدة الطبية.

كيفية قياس درجة حرارة الطفل بدقة

لقياس درجة حرارة الطفل بدقة، من المهم استخدام مقياس حرارة (ترمومتر) مناسب واتباع التعليمات الصحيحة. هناك أنواع مختلفة من موازين الحرارة المتاحة:
  • مقياس الحرارة الرقمي: هو النوع الأكثر شيوعًا والموصى به. يمكن استخدامه لقياس الحرارة عن طريق الفم (للأطفال الأكبر سنًا المتعاونين)، أو تحت الإبط (الإبطي)، أو عن طريق المستقيم (الشرجي).
  • مقياس الحرارة عن طريق المستقيم (الشرجي): يعتبر الأكثر دقة للأطفال الرضع والصغار (أقل من 3 سنوات). يجب استخدام مزلق وتوخي الحذر عند إدخال طرف المقياس.
  • مقياس الحرارة عن طريق الأذن (الطبلة): يقيس حرارة طبلة الأذن بسرعة، ولكنه قد لا يكون دقيقًا مثل القياس الشرجي، خاصة عند الرضع أقل من 6 أشهر أو إذا كان هناك شمع زائد في الأذن.
  • مقياس الحرارة عن طريق الجبهة (الشريان الصدغي): يمرر على الجبهة لقياس درجة حرارة الشريان الصدغي. سهل الاستخدام ولكنه قد يكون أقل دقة من الطرق الأخرى.
لا يُنصح باستخدام موازين الحرارة الزئبقية بسبب خطر التعرض للزئبق السام في حالة كسرها. عند قياس الحرارة تحت الإبط، تكون القراءة عادةً أقل بنحو 0.5 إلى 1 درجة مئوية (1 درجة فهرنهايت) من القياس عن طريق الفم أو المستقيم. من المهم تسجيل درجة الحرارة ووقت قياسها للمساعدة في متابعة حالة الطفل.

الأسباب الشائعة للحمى لدى الأطفال

السبب الأكثر شيوعًا للحمى لدى الأطفال هو العدوى، وعادة ما تكون عدوى فيروسية مثل نزلات البرد، الإنفلونزا، التهاب الحلق، أو التهابات الأذن. العدوى البكتيرية مثل التهاب الحلق العقدي، التهاب المسالك البولية، أو الالتهاب الرئوي يمكن أن تسبب الحمى أيضًا، وغالبًا ما تكون أكثر خطورة وتتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية. تشمل الأسباب الأخرى الأقل شيوعًا للحمى:
  • التطعيمات: قد يعاني بعض الأطفال من حمى خفيفة وقصيرة الأمد بعد تلقي بعض التطعيمات.
  • التسنين: قد يسبب التسنين ارتفاعًا طفيفًا جدًا في درجة الحرارة، ولكنه لا يسبب عادةً حمى حقيقية (أعلى من 38 درجة مئوية). إذا كان الطفل يعاني من حمى أثناء التسنين، فمن المرجح أن يكون هناك سبب آخر.
  • ارتداء ملابس زائدة أو البيئة الحارة: خاصة عند الرضع الصغار، يمكن أن يؤدي الإفراط في تدفئة الطفل إلى ارتفاع درجة حرارته قليلاً.
  • أمراض الالتهابات أو المناعة الذاتية: في حالات نادرة، يمكن أن تكون الحمى علامة على حالات طبية مزمنة.

علامات الخطر: متى يجب القلق والاتصال بالطبيب؟

في حين أن معظم حالات الحمى لا تستدعي القلق، إلا أن هناك مواقف وعلامات تحذيرية تتطلب استشارة طبية فورية. يجب عليك الاتصال بالطبيب أو التوجه إلى قسم الطوارئ إذا كان طفلك:
  • رضيعًا عمره أقل من 3 أشهر ولديه حمى (38 درجة مئوية أو أعلى عن طريق المستقيم): يعتبر الرضع في هذا العمر أكثر عرضة للإصابة بعدوى بكتيرية خطيرة، ويجب تقييمهم طبيًا على الفور.
  • لديه حمى شديدة الارتفاع: درجة حرارة 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت) أو أعلى، خاصة إذا لم تستجب لخافضات الحرارة.
  • يبدو مريضًا جدًا، أو خاملًا بشكل غير عادي، أو يصعب إيقاظه، أو يبكي بشكل لا يطاق.
  • يظهر عليه علامات الجفاف: مثل جفاف الفم، قلة الدموع عند البكاء، قلة التبول (عدد حفاضات مبللة أقل من المعتاد)، أو انخماص اليافوخ (البقعة اللينة في رأس الرضيع).
  • يعاني من صعوبة في التنفس أو يتنفس بسرعة.
  • لديه تيبس في الرقبة، أو صداع شديد، أو حساسية للضوء، أو طفح جلدي غير مبرر (خاصة إذا كان بقعًا أرجوانية أو حمراء صغيرة لا تختفي عند الضغط عليها).
  • يعاني من نوبة تشنج (تشنج حُمّوي): على الرغم من أن معظم التشنجات الحموية قصيرة وغير ضارة، إلا أنه يجب تقييم أي نوبة تشنج من قبل الطبيب، خاصة إذا كانت الأولى أو استمرت لأكثر من 5 دقائق.
  • يعاني من ألم شديد (مثل ألم الأذن، التهاب الحلق الشديد، ألم البطن).
  • لديه حالة طبية مزمنة أو ضعف في جهاز المناعة.
  • استمرت الحمى لأكثر من 3-5 أيام (حسب عمر الطفل وتوصيات طبيبك).
ثق بحدسك كوالد، إذا كنت قلقًا بشأن حالة طفلك، فمن الأفضل دائمًا استشارة الطبيب.

كيفية العناية بالطفل المحموم في المنزل

إذا لم يكن لدى طفلك أي من علامات الخطر المذكورة أعلاه وكان يبدو مرتاحًا نسبيًا، فيمكنك عادةً رعايته في المنزل. الهدف الرئيسي هو جعل الطفل مرتاحًا قدر الإمكان ومنع الجفاف. إليك بعض النصائح:
  • تشجيع شرب السوائل: قدم لطفلك الكثير من السوائل مثل الماء، محاليل معالجة الجفاف عن طريق الفم (ORS)، عصائر الفاكهة المخففة، أو الحساء. للرضع، استمر في الرضاعة الطبيعية أو الصناعية بشكل متكرر.
  • الملابس الخفيفة: ألبس طفلك ملابس خفيفة وفضفاضة. تجنب الإفراط في تدفئته بالبطانيات الثقيلة، إلا إذا كان يشعر بالبرد والقشعريرة.
  • الحفاظ على درجة حرارة غرفة مريحة: اجعل الغرفة التي يتواجد بها الطفل ذات درجة حرارة معتدلة.
  • الراحة: شجع طفلك على الراحة، لكن لا تجبره على البقاء في السرير إذا كان يشعر بالرغبة في اللعب بهدوء.
  • استخدام خافضات الحرارة (إذا لزم الأمر): يمكن استخدام الأدوية الخافضة للحرارة التي لا تستلزم وصفة طبية مثل الباراسيتامول (الأسيتامينوفين) أو الإيبوبروفين (للأطفال فوق 6 أشهر) للمساعدة في خفض الحمى وجعل الطفل أكثر راحة، خاصة إذا كان يعاني من ألم أو انزعاج. من المهم جدًا اتباع تعليمات الجرعة بدقة بناءً على وزن الطفل وعمره، واستخدام أداة القياس المرفقة بالدواء. لا تعطِ الأسبرين للأطفال أو المراهقين أبدًا بسبب خطر الإصابة بمتلازمة راي، وهي حالة نادرة ولكنها خطيرة. تذكر أن الهدف من الدواء هو راحة الطفل وليس بالضرورة خفض درجة الحرارة إلى المعدل الطبيعي.
  • تجنب الحمامات الباردة أو الكحول: لا تستخدم الماء البارد أو الثلج أو مسح الجسم بالكحول لخفض الحمى. يمكن أن تسبب هذه الطرق القشعريرة والانزعاج وقد تكون خطيرة (خاصة الكحول الذي يمكن امتصاصه عبر الجلد). يمكن استخدام حمام فاتر (ماء فاتر) إذا كان الطفل يستمتع به، ولكن لا تجبره عليه.

خاتمة: المراقبة والراحة هما المفتاح

الحمى لدى الأطفال شائعة وغالبًا ما تكون جزءًا طبيعيًا من مكافحة العدوى. من خلال معرفة كيفية قياس درجة الحرارة بدقة، وتقديم الرعاية المنزلية المناسبة، والأهم من ذلك، التعرف على علامات الخطر التي تستدعي استشارة طبية، يمكنك مساعدة طفلك على تجاوز فترة الحمى بأمان وراحة. لا تتردد أبدًا في الاتصال بطبيب الأطفال إذا كان لديك أي شكوك أو مخاوف بشأن صحة طفلك. **تمت كتابة هذا المقال بواسطة أعضاء فريق موقع طبيبك دوت كوم بالتعاون مع الدكتور يوسف محمود، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة.**